1901 - 1977
(سابق 1952) أعضاء
هو الطبيب الأديب العالم الناقد، الذي جمع بين دقة العلماء وصفاء الأدباء. المرحوم الدكتور محمد كامل حسين، تخرج في كلية الطب، وبعد أن أمضى مدة الامتياز سافر في بعثة دراسية إلى إنجلترا سنة 1925م – ولم تَحُلِ الدراسة العلمية ولا بُعْده عن الوطن آنذاك بينه وبين متابعة أبحاثه الأدبية والاجتماعية التي ظل يراسل بها الصحف المصرية طوال مدة غيابه عن وطنه. أمضى خمس سنوات في إنجلترا، حصل فيها على ألقاب علمية ممتازة، منها زمالة الجراحين الملكية، وماجستير جراحة العظام، وعاد إلى مصر سنة 1930م مدرسًا بكلية الطب بجامعة القاهرة، فأستاذًا مساعدًا، ثم أستاذًا لجراحة العظام، ثم عين أول مدير لجامعة إبراهيم (عين شمس الآن) عند إنشائها سنة 1950م. وهو من أشد الناس حبًّا للدرس والاطلاع، وهو عضو في عدد كبير من الهيئات العلمية، منها: المعهد العلمي المصري، ومجمع الجراحة بباريس، وعضو مراسل في الجمعية البريطانية لجراحة العظام. وهو من "المنهجيين" وهذه أهم خصائص العلماء. وكانت قراءاته الشخصية وإحساسه المرهف سببًا في تكوينه أديبًا ممتازًا. وهو على اطلاعه على الأدب الحديث قد عني بالأدب العربي القديم، وله فيه آراء إصلاحية جريئة لا تقل جرأة عن آرائه في لغة العرب.
1– قرية ظالمة. (نال عنها جائزة الدولة في الأدب سنة 1957م)، وقد ترجمت إلى الإنجليزية. 2– متنوعات (في جزأين). يضم كل جزء منهما عددًا من البحوث القيمة، منها ما يتصل بالقرآن الكريم، مثل بحثه الطيب عن معنى الظلم في القرآن الكريم، والتفسير العلمي للقرآن الكريم بدعة حمقاء. ومنها ما يتصل بالأدب، درس أسلوب المعري ودلالته، وأدب الهجاء، وشعر الفرزدق، والنابغة الذبياني، والمتنبي. ومنها ما يتصل بتاريخ العلوم عند العرب، وتاريخ الطب عند العرب. ومنها ما يتصل بلغة العلم والمصطلحات العلمية. ومنها ما يتصل بعلوم اللغة وتاريخ العربية. 3– التفسير البيولوچي للتاريخ. 4– وحدة المعرفة. 5– النحو المعقول. 6– الشعر المعرب والذوق المعاصر. 7- اللغة العربية المعاصرة، دار المعارف بمصر. ألف الدكتور محمد الجوادي كتابًا بعنوان: الدكتور محمد كامل حسين عالمًا ومفكرًا وأديبًا، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2، سنة 2003م.
انتخب الدكتور محمد كامل حسين عضوًا عاملًا بمجمع اللغة العربية سنة 1952م، خلفًا للأستاذ أحمد حافظ عوض. وأسهم في أعمال المجمع إسهامًا فعالًا في المجلس والمؤتمر واللجان، وخاصة لجنة المصطلحات الطبية التي أسهم بجهد كبير في نشاطها، وقدم عدة اقتراحات في جلسات المجلس في استخدام التقسيم العشري. (د 22 جلسة 29 للمجلس). وله رأيٌ في جنس العدد. (د 24 للمؤتمر)، وفي كتابة "الهمزة". (د 28 جلسة 2 للمجلس).
1– أدب النقائض وحقيقة أمر الفرزدق. (د 20 جلسة 5 للمؤتمر – مجلة المجمع ج 10). 2– القواعد العامة لوضع المصطلحات العلمية. (د 21 جلسة 18 للمجلس – مجلة المجمع ج 11). 3– اللغة والعلوم. (د 22 جلسة 1 للمؤتمر – مجلة المجمع ج 12). 4– معنى الظلم في القرآن. (د 23 جلسة 4 للمؤتمر – مجلة المجمع ج 13). 5– أصول علوم اللغة. (د 26 جلسة 8 للمؤتمر – مجموعة البحوث). 6– أسلوب أبي العلاء المعري ودلالاته. (د 27 جلسة 2 للمؤتمر – البحوث والمحاضرات). 7– أخطاء اللغويين. (مجلة المجمع ج 22). 8– حاجتنا إلى معجم مصفى. (مؤتمر د 34 جلسة 9 – البحوث والمحاضرات). 9– الموسيقا والتصوير في الشعر العربي. (مؤتمر د 36 – البحوث والمحاضرات). 10– الحِكَم في شعر المتنبي. (مؤتمر د 37). 11– كلمة في تأبين الدكتور طه حسين. (مجلة المجمع ج 33). وقد مُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم، فكان أول من منح جوائز الدولة في كل من الآداب والعلوم، ولم نعرف بَعْدُ أنَّ هذه الظاهرة قد تكررت. وأذكر للتاريخ أنه عندما كان مديرًا لجامعة عين شمس، وكنت عميدًا لكلية الآداب بها، وأستاذًا للغة العربية وآدابها، وللغة الإنجليزية وآدابها،
"إنه عالم على أدق وأكمل ما يراد بهذا الوصف، فهو يؤمن بالتجربة إيمانًا لا يقل عن إيمانه بالعقل. يؤمن بها لأنها سبيل كشف الحقيقة وكسب المعلومات، وكثيرًا ما ردد كلمة (هنري بوانكاريه) الرياضي الفرنسي المشهور: إن الغرض العلمي الخصب هو ذلك الذي يقود إلى إنتاج حقائق جديدة.. لهذا كله عني كامل حسين بالتجربة ودعا إليها في مناسبات شتى". (مجلة المجمع ج 8). وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور في موضع آخر: "وكامل حسين يؤمن بالعقل إيمانًا كاملًا... وهو يريد العقل العلمي الذي يحلل ويعلل، لا ذلك العقل الإقطاعي كما يسميه أحيانًا، أو عقل القرون الوسطى الذي يسلم ويستسلم فلا ينقد ولا يناقش ولا يخترع ولا يبتكر... وهو في ربطه للعلم بالعقل يدرك في وضوح مدى الصلة بين الطب والفلسفة؛ فهو في نفسه فيلسوف بقدر ما هو عالم". (مجلة المجمع ج 8).
في الفترة من 1971 – 1977م كنت أعمل خبيرًا بلجنتي الأصول والألفاظ والأساليب، وكنت أحضر جلسات مجلس المجمع عند عرض أعمالهما، وقد كنت حريصًا أشد الحرص على أن أجلس قريبًا من الدكتور محمد كامل حسين، وفي حين ذلك تكشفت لي أبعاد هذه الشخصية الفريدة. بَيد أني أقف هنا في كلمتي عند فكره اللغوي ونقده للنحو العربي، ورؤيته النافذة لما ينبغي أن تكون عليه اللغة العربية المعاصرة. سمعته يومًا يقول في إحدى جلسات المجلس: لو أراد مهندس أو طبيب أو محاسب.. أن يتكلم بالفصحى، ويكتب بها، فماذا نعلمه منها وكيف نعلمه؟ إن النحو العربي الذي يُعَلَّم في مدارسنا ومعاهدنا لا يمكن لتعقده وسَعته، واتخاذ معلميه طرقًا ضارّة في تعليمه – أن يلبّي هذه الحاجة، كتب يقول – فيما نريده من تعليم الفصحى في العصر الحديث.. نريد أن ننقذ الفصحى العالية من عنت الذين يعلمون وعبث الذين لا يعلمون، والذين يعلمون يريدون أن يخنقوها بما يُحَتِّمونه على المتعلمين من علم بقواعد لا تَعْرِض للأديب أو الكاتب ولا يُعنى بها إلا المحترفون من رجال النحو.. لم يكتف المجمعي الكبير بأن ينقد النحو والنحاة فقدم محاولة لما يراه مناسبًا من النحو لغير المتخصصين فيه. المحاولة قائمة على وضع قواعد جديدة للفصحى تكفل لنا صحة الكلام من غير طريق النحو القديم، قواعد جديدة ليست تيسيرًا للنحو القديم، ولا إيضاحًا لغوامضه، بل هو بديل عنه يقوم على أسس تختلف اختلافًا جوهريًّا عن الأسس التي أقام عليها النحاة عملهم! ألقى الدكتور محمد كامل بحثًا ضافيًا عرض فيه هذه القواعد الجديدة، ثم ظهر هذا البحث في كتاب بعنوان النحو المعقول. وقف الدكتور محمد كامل حسين مما رآه في النحو العربي من غموض وتعقيد ومثَّل لذلك بما ذكره النحاة عن جنس العدد، وما يستلزمه من تذكير أو تأنيث للفظ العدد نفسه، رأى أن ييسر ذلك بإبقاء اسم العدد على حاله دائمًا، مع الفصل بينه وبين المعدود بحرف (من) فيقال دون تفرقة: خمسة من الرجال وخمسة من النساء، وله آراء أخرى في بعض المسائل اللغوية وحلول لها. قد نوافقه أو نخالفه، ولكن الرجل وضعنا أمام المشكلة وقدَّم لنا حلًّا لها. ولا سبيل إلى الحكم على هذه المحاولة إلا بالرجوع إلى كل ما عرضه من مشكلات وما قدَّمه من حلول. وله – رحمه الله – كتابٌ آخر، هو اللغة العربية المعاصرة 1977م، وهو أيضًا نظرة عقلية لم يحد عنها في معالجته لقضايا اللغة والفكر وجهه إلى الذين يريدون العودة بالفصحى العالية إلى ما كانت عليه في صدر الإسلام مثلهم كمثل أهل الكهف حين حسبوا أن وُرقهم، وهي غير زائفة، يمكن أن تكون عملة رائجة يقضون بها حوائجهم... والذين يستخدمون قواعد الفصحى العالية مثلهم كمثل الذي يستخدم مغزل اليد في غزل الصوف وهو يسمع من حوله ضجيج الآلات التي تغزل آلاف الأمتار في الساعة الواحدة. ليس لدينا من سبيل هنا إلى عرض ما في هذا الكتاب من أفكار، أو اقترحه من حلول لكي تكون العربية معاصرة لحياتنا اللغوية موفية بمقاصدنا العلمية وبشؤون حياتنا. موجز الفكرة هو وجود مستويين لغويين مختلفين في حياتنا ولا بد من التعامل معهما بواقعية: المستوى الأول هو ما يسميه العامية المنقحة في الصفحات 83 – 87. والمستوى الثاني هو الفصحى المخففة، يناسب المتعلمين بمختلف توجهاتهم. انظر في خصائص هذه الفصحى المنقحة، في 93 – 134. الكتاب – في الحقيقة – محاولة جريئة جراءة محمودة لوصف حياتنا اللغوية الواقعية، ولحلول رآها أنها ناجحة: وهو لذلك لجدير بأن يقرأ ويدرس، رحمه الله رحمة واسعة كفاء ما قدمه للعربية الشريفة.