محمد البشير الإبراهيمي

محمد البشير الإبراهيمي
1889 - 1965
(سابق 1961) أعضاء
نشأته

ولد الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي، الفقيه اللغوي والأديب، في بيت من بيوت العلم ببجاية، بالجزائر في سنة 1889م. ودرس علوم العربية في سن صغيرة، وحفظ القرآن، وألفية ابن مالك، وألفية ابن مُعطي، والكثير من شعر ابن خميس التلمساني شاعر المغرب والأندلس، وكثيرًا من شعر المتنبي، وديوان الحماسة. وكان هذا كله على يدي عمه الذي ظل يتدرج به من كُتَّاب إلى كتاب إلى أن بلغ الحادية عشرة من عمره، فبدأ في درس ألفية ابن مالك. ولما مات عمه شرع في تدريس ما درسه عليه لزملائه في الدراسة وكان عمره أربعة عشر عامًا. وفي العشرين من عمره رحل إلى المدينة المنورة، فرارًا من ظلم فرنسا، ومر بالقاهرة وأقام بها ثلاثة أشهر حضر فيها دروسًا بالأزهر وتعرف على كبار علمائه، وكان ذلك في سنة 1912م، كما تعرف على الشاعرين المصريين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. وفي المدينة المنورة درس التفسير والأدب والسيرة والمنطق. وفي سنة 1917م أمرت الحكومة العثمانية بترحيل سكان المدينة كلهم إلى دمشق بسبب استفحال ثورة الشريف حسين بن علي، فخرج مع والده إلى دمشق في شتاء سنة 1917م. وهناك تولى التدريس بالمدارس الأهلية، وألقى دروسًا في الوعظ بالجامع الأموي. ولما دخل الأمير فيصل بن الحسين دمشق طلب منه أن يعود إلى المدينة لإدارة المعارف بها، لكنه آثر السفر إلى الجزائر. وهناك بدأ في إلقاء الدروس الدينية والمحاضرات التاريخية. وكان هو وابن باديس صاحبي الأفكار الحقيقية التي كافحت لتخليص الشعب الجزائري من الاستعمار الثقافي الذي فرضته فرنسا، فنظّم حربًا على البدع والخرافات في الدين، وطالب بتعليم اللغة العربية لصغار التلاميذ. وطالب باستقلال القضاء الإسلامي في الأحوال الشخصية، وبعدم تدخل الحكومة في تعيين الموظفين. وقد أصبح الشعب الجزائري، بفضل جمعية العلماء التي كان هو أبرز أعضائها، يعرف حقوقه.

ومؤلفاته كلها مخطوطة، نذكر منها:

1- عيون البصائر: مجموعة مقالات نشرت في جريدة البصائر. 2- النقابات والنفايات في لغة العرب: فيه كل ما هو على وزن فُعالة "من مختار الشيء أو مَرْذوله". 3- أسرار الضمائر العربية. 4- التسمية بالمصدر. 5- الاطراد والشذوذ في العربية. 6- رسالة في الفرق بين لفظ المطرد والكثير عند ابن مالك. 7- رواية كاهنة أوراس. 8- رسالة في مخارج الحروف وصفاتها بين العربية الفصيحة والعامية. 9- شعب الإيمان (في الأخلاق والفضائل الإسلامية). ولـه ملحمة رجزية نظمها أيام أن كان مبعدًا في الصحراء الوهرانية تبلغ 36 ألف بيت، وقد تضمنت فنونًا من المواضيع كتاريخ الإسلام، والمذاهب الاجتماعية والسياسية، والفكرية الجديدة، والبدع في الدين، والاستعمار ومكايده ودسائسه.

وقد اختير الأستاذ البشير لعضوية المجمع سنة 1961م، ضمن الأحد عشر عضوًا الذين عينوا من الأقطار العربية الشقيقة عند تعديل قانون المجمع سنَتَئذ. وقد ناب عنهم في الكلمة التي ألقاها في جلسة افتتاح مؤتمر الدورة الثامنة والعشرين، فبعد أن استقبلهم الدكتور إبراهيم مدكور قال البشير الإبراهيمي من خطبة بليغة مطنبة متحدثًا عن اللغة العربية: "هي الرحم الواصلة بيننا، وهى اللُّحمة الجامعة لخصائصنا وآدابنا.. وإن ما كنتم فيه مذ اليوم، من هذا الاستقبال المتهلل، واللقاء المرحب المؤهل بإخوانكم أعضاء المجمع الجدد، هو فن جميل من البر بالعربية في أبنائها، يرضي الله الذي اصطفاها ترجمانًا لوحيه؛ ويرضي محمدًا الذي أدى بها أمانة الله، وبلّغ بها رسالته إلى خلقه؛ ويرضي يَعْرُبَ ونِزارًا اللذين سكبا بها التغاريد العذبة الجميلة في آذان الأجيال، وتركاها كلمة باقية في الأعقاب؛ ويُرضي أسلافكم الذين ساسوا بها العقول، وصقلوا بها الأذهان والقرائح؛ وراضوا على بيانها الألسنة، ودوَّنوا بها العلم والحكمة، وخطّوا بها التاريخ، وشادوا بها الحضارة الشماء التي لا تطاول." (مجلة المجمع 16).

وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور يوم تأبينه:

"نجتمع اليوم لنؤبن شيخًا من شيوخ الإسلام، وعلمًا من أعلام النهضة الجزائرية، فقدنا فيه أديبًا بليغًا، ومربيًا كبيرًا، ومصلحًا عظيمًا، ومجاهدًا مؤمنًا، قضى في وطنه ثلاثين عامًا أو يزيد في خدمة الدين واللغة، فأحيا معالم القومية، وأعدّ جيلًا من المكافحين والمناضلين، مَهَّدوا السبيل لاستعادة الاستقلال والحرية." (مجلة المجمع ج 12).

- -