الردود والإجابات
“ عالم فذ-خيرات جمة-المؤمن الحق متوكل على الله. هل تُعد الكلمات السابقة (فذ، وجمة، والحق) صيغ مبالغة على وزن فَعِل؟ ”
("عالِمٌ فَذٌّ" و"خيراتٌ جَمَّةٌ" و"المؤمِنُ الحقُّ"): هذه تراكيب وصفية (مكونة من موصوف وصفة)، وليست جُملًا تامة. - كلمة "فَذٌّ": مصدر للفعل "فَذَّ - يَفِذُّ - فَذًّا: تَفَرَّد وسبقَ، فهو "فاذٌّ" و"فَذٌّ"، و"الفذُّ": المتفرد في مكانته أو كفايته، وحين نقول: هو عالِمٌ فَذٌّ، فإن المصدر "فَذّ" يُعرَب خبرًا ثانيًا، أو يُعرب نعتًا لـ"عالِم"، أي: عالِم فاق أقرانه، ووقوع المصدر خبرًا، أو نعتًا أبلغ، وأقوى، وأشمل من الوصف باسم الفاعل؛ لأن المصدر هو "الحَدَثُ" غير مُقيَّد بحالة دون غيرها؛ ولأن "المصدر" يشمل الأزمنة كلها، ولا يُقَيَّد بزمن بعينه كاسم الفاعل . - والأمر نفسُه ينطبق على "جَمٌّ" و"جَمَّةٌ"؛ فـ "جَمَّ الشيءُ - يَجمُّ (بضم الجيم وكسرها)- جَمًّا وجُمومًا وجَمامًا: اجتمع وكَثُرَ، فهو "جَمٌّ"، و"الجَمُّ من كل شيء: الكثير، يُقالُ: عدَدٌ جَمّ، ومالٌ جَمّ، أي: كثير، و"جَمَّ الماءُ": كثُر، وقد ورد: "اسْقِني من جَمِّ بئرك، ومن جَمَّةِ بئرك"، أي: بئرك الجَمّ، أو الجَمَّة" (ولعل التاء في "جَمَّة" لمزيد مبالغة في الكثرة)، وفي القرآن الكريم: {وَتُحِبُّونَ الْمَال حُبًّا جَمًّا}، ومن استعمالاتهم: جاءوا في جَمَّةٍ، أي: في جماعة، فحين نقول: هذه خيرات جَمَّةٌ، فـ "جمة" هنا مصدر وقع نعتًا لـ "خيرات"، أي: هذه خيرات واسعة موفورة، فالخيرات موصوفة بالمصدر، والتاء فيه لمزيد المبالغة "دِلاليًّا". - وكذلك الأمر مع "المؤمن الحق" في الجملة "يُحيي اللهُ المؤمنَ الحقَّ حياة طيبة"، فصيغة "الحق": مصدر وقع صفة لـ"المؤمن"، وفعلها "حَقَّ فلانٌ الحقَّ - يَحُقُّه - حَقًّا: تيقَّنه، وصدَّقه، وثبت عليه، فهو "حاقٌّ" و"حَقٌّ"، والوصف بالمصدر - كما سبق - أقوى، وأبلغ، وأشمل.