الردود والإجابات
“ أريد معرفة أهل اللغة في تركيب هذا الأسلوب: لم أكذب أبدًا. هل تركيب الجملة صحيح؟ ”
استعمال كلمة "أبدًا" بعد صيغة المضارع "أكذب" التي قَلَبتْها "لَمْ" إلى الماضي، استعمال غير صحيح؛ لأن التركيب "لم أكذب"= النفي في الماضي، وكلمة "أبدًا" تُستعمل مع الفعل المنفي الدال على المستقبل، والكلمة التي تُستخدم مع ما يفيد المُضِيّ هي "قَطّ"، نقول: لم أكذب قَطُّ، ومع الفعل الدال على المستقبل، نستخدم كلمة "أبدًا"، فنقول: لن أَكْذِبَ أبدًا. أما قرار المجمع في دورته الحادية والخمسين الذي اعتُمد فيه على أن من معاني الأبد "الزمن الطويل" أو "الدهر مطلقًا" أو "الدهر القديم"- فليس حجة فيما أُريدَ إثباته، وهذا نص ما ورد في البحث على لسان مقدِّمه، بعد أن أورد نصوصًا تشير إلى المعاني السابقة لكلمة "الأبد"، يقول: "ولكن لسائل أن يقول: إن إثبات دلالة المُضِيّ والقِدَم لكلمة الأبد لا يُجزئ في تصويب استعمال "أبدًا" ظرفًا بهذه الدلالة، فإن المنقول من الشواهد لم تُستخدم فيه الأبدية الظرفية في سياق جملة منفية ماضوية، والحق أن الأمر كذلك فيما هو متعارف من الشواهد"، وهذا يعني أنه ليس هناك شاهد يعود إلى عصر الاستشهاد يُعتمد عليه في صحة استخدام "أبدًا" مع الماضي المنقطع المنفي، ويسجل البحث أن مقدِّمه التقط بيتًا لشاعر العربية "المتنبي" ورد فيه الاستعمال العصري المُنْتَقَد، يقول المتنبي: لم يَخْلق الرحمنُ مثلَ محمدٍ*** أبدًا وظني أنه لا يَخْلُقُ ولا يلزم أن تكون دلالة "أبدً" في بيت المتنبي تأكيدًا للنفي في الماضي؛ إذ يُحتمَل أن يكون معنى "أبدًا" في سياق بيت المتنبي "على وجه اليقين" فيما مضى من الخلق، ويقوي هذا قوله: وظنّي أنه لا يَخْلُق/ أي: في المستقبل، "وما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال كما تقرر في أصول النحو، وربما كان المعنى في بيت المتنبي "حَقًّا وظني أنه لا يَخْلُق"، هذا، فضلًا على أن المتنبي - على عظيم مكانته - ليس من شعراء عصر الاستشهاد. فكلمة "أبدًا" في بيت المتنبي قد تعني: "حَقًّا"؛ وعليه فلا يصح سوق البيت شاهدًا لأمرين: احتمال أن يكون معنى "الأبد" هو "حَقًّا"، وأن المتنبي بعيد من عصر الاستشهاد.