الردود والإجابات
“ هذه مسألة متداولة في لغة النشرات بشكل متكرر. لماذا يُحَرَّك الفعل المضعف بالفتح عند جزمه في مثل قولنا: لم يتمَّ؟ وإذا كان هذا التحريك منعًا لالتقاء ساكنين؛ فهل اختير التحريك للفتح هل لأنه أخف الحركات؟ أم لسبب آخر؟ ”
للمضارع -من الفعل المضعف الثلاثي، في حالة الجزم-: نُطْقًا وكتابةً صورتان لهجيتان، هما: ١-لهجة تميم، وهي التضعيف، وعدم فَكّ الإدغام. ٢-لهجة الحجازيين، وهي فَكّ الإدغام. فأمّا نطق المضارع المجزوم على لهجة الحجازيين فلا يحتاج إلى تفسير؛ لأن المضارع المضعّف يُفَكّ تضعيفه، ويُجزم بالسكون الظاهر، ومن ذلك قوله تعالى: "فاتبعوني يُحببْكم الله"، وقوله: "وليمللْ الذي عليه الحق"، وقوله: "ومن يرتددْ منكم..."، (ولفعل الأمر من المضارع- موضوع الحديث- نفس الحكم في لهجة الحجازيين، حيث يُفكّ التضعيف، ويُبْنَى فعل الأمر على السكون الظاهر، ومن ذلك قوله تعالى: "واستفززْ من استطعت منهم"، وقوله: "واحللْ عقدة من لساني"، وقوله: "فاقصص القصص". وأمّا لهجة تميم التي يُستعمل فيها الفعل مضعفًا، ولا يُفكّ إدغامه، فإن له - في حالة الجزم - الصور التالية: 1) "الفتح" في مثل: "مَنْ يَرْتَدَّ"، حيث يكون الحرف المضعّف مسبوقًا بحرف مُحَرَّك بالفتحة -كما في المثال- فإن حركة التخلص من التقاء الساكنين (الساكن الأول من الحرف المضعّف، وسكون الجزم في الحرف الثاني منه)- في مثل هذا، هي "الفتحة"؛ إتْباعًا للفتحة السابقة على الحرف المضعّف؛ وعليه نقول في إعراب مثل هذا: "مَنْ: اسم شرط جازم، مبتدأ، و"يَرتدَّ": فعل الشرط، مجزوم، وعلامة جزمه سكون مقدر، منع من ظهوره حركة التخلص من التقاء الساكنين، وهي - هنا - "الفتحة"؛ إتْباعًا لفتحة التاء قبلها. 2) "الضمّ"، ويكون ذلك إذا كان الحرف السابق على الحرف المضعّف من المضارع المجزوم - متحركًا بالضمّ، فإن التخلص من التقاء الساكنين يكون بـ "الضمّ"؛ إتباعًا لحركة ما قبل الحرف المضعّف، ومن ذلك قوله تعالى: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضرُّكم كيدهم شيئًا"، فالفعل "يضرُّ" مجزوم بسكون مقدَّر، منع من ظهوره ضمةُ الإتباع للحركة السابقة، وهي الضمة، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: "عليكم أنفسَكم لا يضرُّكم مَنْ ضلّ إذا اهتديتم"، حيث وقع الفعل "يَضُرُّ" في جواب الطلب (عليكم)، وجُزِم بسكون مقدر، منع من ظهوره "ضمّةُ الإتباع" للحركة السابقة، وهي ضمة الضاد. ويُسجّل النحاة أن هذه الصورة يجوز فيها التخلص من التقاء الساكنين بـ"الفتح"؛ لأنه الأصل - عند النحاة - للتخلص من التقاء الساكنين في المضعف، وعليه قراءة "لا يَضُرَّكم" (بفتح الراء المشددة). 3) "الكسر"، ويكون التخلص من التقاء الساكنين في المضعّف المجزوم بالكسرة، إذا وَلِيَ المضعفَ المجزومَ ساكنٌ في الكلمة التالية له، ومن ذلك قوله تعالى: "ومَنْ يُشاقِّ الله". (انظر: باب الإعلال بالنقل فيما يلي: ١-شرح التصريح على التوضيح، خالد الأزهري. ٢-حاشية الصبان على الأُشموني. ٣-همع الهوامع...، للسيوطي. ٤-قضايا صرفية، د. أحمد عبد العظيم).