أُنشئ المجمع لتحقيق عدة أغراض، أهمها: المحافظة على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والآداب والفنون، وملائمة لحاجات الحياة المتطورة، والنظر في أصول اللغة العربية وأساليبها لاختيار ما يُوَسِّع أقيستها وضوابطها، ويُبَسِّط تعليم نحوها وصرفها، ويُيَسِّر طريقة إملائها وكتابتها، ودراسة المصطلحات العلمية والأدبية والفنية والحضارية، وكذلك دراسة الأعلام الأجنبية، والعمل على توحيدها بين المتكلمين بالعربية. وبحث كل ما له شأن في تطوير اللغة العربية والعمل على نشرها.
وفي سبيل تحقيق هذه الأغراض عمد المجمع إلى إنشاء عدة لجان مختلفة، وهذه اللجان تتكون من أعضاء المجمع، يعاونهم خبراء من أساتذة الجامعات والباحثين المتخصصين في مجال العمل بكل لجنة، وهم من العاملين الفنيين بالكادر الجامعي بالمجمع.
يعد مشروع المعجم الكبير من أهم مشروعات المجمع وأكبرها على الإطلاق؛ فقد كان الهدف من إنشاء المعجم الكبير أن يكون ديوانًا عامًّا للغة، جامعًا شواردها وغريبها، مُبَيِّنًا ما طرأ على بعضها من توسعٍ في الاستعمال، أو تطورٍ في الدلالة في عصور اللغة المختلفة، ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. وقد بدأت لجنة المعجم الكبير أعمالها في عام 1946م، وهي تُقَدِّرُ عِظَمَ ما أسند إليها، وقداسته، بل إنها أدركت منذ الوهلة الأولى أنها تقدم بعملها هذا خدمة جليلة للعربية وأبنائها على وجه الخصوص، ولعشاقها ومحبيها على وجه العموم؛ فأعدت العدة لذلك، واختارت المحررين الأَكْفاء، واستعانت بالخبراء المتخصصين، وشرعت في عملها وَفْقَ منهجٍ قد طَوَّعَتْهُ التجارب المتتالية؛ فاستقام وانتظم.
لما كان هذا العمل لا بد من أن تتعاقب عليه أجيال من أعضاء لجانه وخبرائها، وأن تختلف عليه أقلام أجيال أخرى من المحررين، ويُخشى مع تطاول الزمن أن يضطرب الأسلوب؛ فلا يستقيم المنهج على طريقة سواء، ولا يأتي المعجم على نَسَقٍ واحد، رأت اللجنة ضرورة وضع منهج علمي مطرد يُلتزم به حتى تكون أجزاء المعجم على نسـق واحد من أولـه إلى آخــره. وقد رُوعي فيــه ثلاثة جوانب أساسية:
هدفه الأول دقة الترتيب، ووضوح التبويب، والتزام الترتيب الحرفي، ولكن في حدود المادة اللغوية، تمشيًا مع طبيعة العربية وأنها لغة اشتقاقية.
عُنِيَ بأَنْ تُصَوَّرَ اللغةُ تصويرًا كاملًا، من خلال الجمع والاستيعاب الدقيق للمادة اللغوية، والرجوع إلى المصادر الأولى، والتعويل ما أمكن على النصوص المأثورة، والشواهد الشعرية والنثرية؛ حتى يجد فيها طلاب القديم حاجتهم، ويقف عشاق الحديث على ضالتهم
وفيه يعرض المعجم لأعلام الأشخاص والأماكن التي لا مناص من الإشارة إليها، فيعرِّف بها في اختصار، وينزلها منزلتها في تاريخ الفكر الإنساني. كذلك يُقَدِّمُ المعجم ألوانًا من العلوم والمعارف تحت اسم المصطلحات، مستعينًا في ذلك كله بالرسوم والصور والخرائط ما أمكن.
وقد عُني بتطبيق هذا المنهج في تَأَنٍّ، وتُؤَدَةٍ، وجِدٍّ، وإخْلاصٍ، وقل أن يحظى معجمٌ بمثل ما حَظِيَ به هذا المعجم من درْسٍ متصل، ومراجعةٍ دقيقة، ومتابعةٍ واعية، يُعِدُّ مادته محررون دُرِّبوا في كَنَفِ المجمع وتحت إشرافه، ويراجعها خبراء متخصصون، لهم قَدَمٌ راسخة في اللغة وعلومها، وفي اللغات الشرقية، ثم تعرض على لجنة المعجم الكبير؛ وأعضاؤها من كبار رجال الأدب واللغة والعلم والفلسفة، ثم تعرض على أعضاء المؤتمر، وما من جزء من هذا المعجم إلا عرض عليهم، وكم أبدوا من ملاحظات قيمة، وتوجيهات سديدة.
في عام 1956م أخرج المجمع الجزء الأول من المعجم الكبير، في نحو خَمْسِمِائَةِ صفحةٍ، يشتمل على مواد حرف الهمزة. ثم توالى صدور الأجزاء الأخرى إلى أن صدر (حرف الضاد: الجزء السادس عشر) في عام 2023م.
معجم دلالي تاريخي، يَلِجُ عالمَ الشّعر من باب الجذور، يستقري ألفاظها، ويستقصي دلالاتها عبر العصور التاريخية المختلفة؛ وهو بذلك يمثل إضافة إلى العمل المعجمي على المستوى اللفظي والمستوى الدلالي والمستوى التاريخي:
- فأما على المستوى اللفظي: فيُعَدُّ هذا المعجم – في حدود علمنا – أوَّلَ عملٍ شعري تُرتَّبُ فيه الشواهد الشعرية بحسب جذور الكلمات؛ حيث دَرَجَتِ الموسوعات الشعرية – سواء منها ما نُشر ورقيًّا وما نُشر إلكترونيًّا – على ترتيب الشواهد الشعرية بحسب القوافي أو الأغراض أو الشعراء. ومن جهة أخرى يعد هذا المعجم – في حدود علمنا – أول عمل إحصائي يقوم برصد الصيغ الواردة بالفعل في المادة الشعرية والنسبة التقريبية لورود كل صيغة منها داخل هذه المادة.
- وأما على المستوى التاريخي: فيعد هذا العمل من أصلح روافد العربية للدراسة التاريخية؛ إذ يجمع إلى خاصية الشمول التاريخي إمكان حصر مادته على اختلاف عصورها.
- منهج تحرير المواد:
أولًا: ثَبَت الصيغ:
ثانيًا: المداخل:
ثالثًا: الشواهد:
رابعًا: ترتيب المادة
رُتِّبت المادةُ ترتيبًا صرفيًّا تاريخيًّا؛ وذلك بترتيب المداخل صرفيًّا، ثم ترتيب المعاني تاريخيًّا داخل المداخل الصرفية على النحو الآتي:
داخل الترتيب الصرفي للمداخل رُتِّبَت المعاني بحسب عصورها وقِدَمها؛ فذُكِرَ المعنى الذي بدأ ظهوره في العصر الجاهلي قبل المعنى الذي بدأ ظهوره في عصر صدر الإسلام ... وهكذا.
أُنْجِزَ من معجم لغة الشعر العربي الجزء الأول (حرف الهمزة) عام 2015م، والجزء الثاني من المعجم (حرف الباء) أنجز المعدون تحرير مواده العلمية، وفور اعتمادها من اللجنة العلمية ستبدأ مرحلة التهيئة للطباعة، وقد بدأ فريق الإعداد بالمشروع في تحرير بعض الجذور من حرف التاء
ولا شك أن مشروع معجم لغة الشعر العربي واحد من أهم المشروعات الحالية والمستقبلية التي يرعاها المجمع، وهو أول المشروعات التي اعتمدت على البرمجة والتقنيات الحديثة في حصر الجذور والمواد، وتتبع الدلالات تتبعًا تاريخيًّا.
يشير مصطلح الرقمنة Digitalization إلى عملية تحويل المعلومات – مثل الصور والوثائق، والإشارات، والتسجيلات الصوتية، والمرئية - المحفوظة في شكل مادي إلى صيغة رقمية.
على سبيل المثال: تُحوَّل المستندات الورقية - كالكتب والوثائق – إلى صيغة رقمية File Format - مثل PDF – وتُخزَّن داخل الحاسب الآلي بواسطة جهاز الماسح الضوئي Scanner؛ مما يسمح بالمحافظة على تلك المستندات، وعرضها بكل تنسيقاتها على الوسائل المختلفة – كالمواقع الإلكترونية – ومن ثَمَّ إعادة طباعتها بأعداد لانهائية.
وقد تتطور عملية رقمنة المستندات الورقية باستخدام برنامج التعرف الضوئي على الحروف Optical Character Recognition (OCR)؛ حيث يعمل على تحويل المستند إلى صيغة أخرى تُمَكِّن من الاستفادة القصوى من المحتوى – كصيغة DOC - عبر عمليات البحث واستخراج المعلومات وغير ذلك بدقة وسرعة.
لم يعد من السهل الاستغناء عن الرقمنة بسبب مميزاتها وفوائدها المتعددة والمتنوعة في شتى مناحي الحياة، ومنها:
وبالإضافة إلى جميع ما سبق وغيره، فإن للرقمنة أدوارًا جوهرية في القيام بالعديد من العمليات الضرورية، وبالنسبة لمجمع اللغة العربية يمكن الاستفادة منها في:
يسعى مجمع اللغة العربية إلى تحقيق عدد من الأهداف ذات التوجهات العلمية، مثل:
يتطلب البحث عن معنى كلمة داخل أحد معاجم المجمع الورقية أو معرفة القرارات المجمعية بخصوص كلمة أو أسلوب لغوي - يتطلب العديد من الخطوات، كشراء المعجم أو الذهاب إلى المكتبة ثم البحث في أوراقه عن المطلوب. ويسعى المجمع عبر رقمنة محتواه اللغوي والعلمي إلى تجاوز هذه الخطوات من خلال توفير كل ما يحتاج إليه المستخدم من معلومات عند أطراف أصابعه، عبر عدة نقرات يقوم بها عند الدخول على الموقع الإلكتروني للمجمع، فتظهر له النتائج في ثوان.
كذلك؛ فإن محرري المجمع أنفسهم يُضطرون في كثير من الأحيان إلى تكرار جهد بُذل سابقًا عند معالجة مادة لغوية أو شرح بيت من الشِّعر؛ بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المحتوى المطلوب في وقت مناسب.
تتيح خاصية التجول الحر في المعلومات والانتقال المرن فيما بينها الحصول على أكبر قدر ممكن من الإفادة والمقارنة في وقت قياسي، ودون الحاجة إلى توفير الكتب الورقية.
لا يخفى على أحد الأهمية القصوى لعمليات الإحصاء المختلفة للمحتوى، والتي تعطي لصاحب القرار المجمعي القدرة على اتخاذ القرارات العلمية واللغوية المناسبة. فضلًا عن أهميتها في مجال البحث اللغوي عند القيام ببعض المهام، مثل: التقييم الكمي لبعض الخواص النوعية للغة، والتوصيف الكمي لبعض العلاقات اللغوية، وتفسير الظواهر اللغوية.
إن إدراج المحتوى اللغوي والعلمي والعلمي للمجمع داخل قواعد بيانات عمومية لَيُساعِدُ على سرعة اكتشاف الأخطاء وحصر التكرارات - وربما تجنبها - ومن ثم معالجتها في النسخ الرقمية من مطبوعات المجمع.
بطبيعة الحال؛ فإن انحصار صور النشر في المحتوى الورقي يبطئ – إن لم يوقف – عملية تحديث هذا المحتوى بالشكل الذي يتماشى مع سرعة الفيض المعلوماتي. ولذلك؛ فإن رقمنة المحتوى المجمعي سوف تساعد هذه المؤسسة الوطنية العريقة على القيام بالعديد من المهام بسرعة أكثر مواكبة لعصر اقتصاد المعرفة، مثل: تعريب المصطلحات، تحديث المعاجم اللغوية والعلمية، وغيرهما.
يهدف مشروع الرقمنة إلى تيسير عمليات البحث عن المعلومات والحصول عليها وتوثيقها، وهو ما يساعد الباحثين على سرعة إنجاز أبحاثهم وتوفير مشقة الانتقال المادي بين المكتبات التي تتوفر بها مصادر المعلومات، التي ينشدون الوصول إليها.
تساعد الرقمنة الجمهور على الاطلاع والقراءة، فهي تؤدي بذلك دورًا في حل إشكالية الأمية المعرفية في مجتمع المعرفة وفي عصر تكنولوجيا المعلومات، وتساعد من ناحية أخرى على تقليص الفجوة المعرفية في مجتمعنا العربي، والتي تتمثل في انخفاض معدل القراءة لدى الأفراد مع تزايد إنتاج النصوص.
يعمل مشروع الرقمنة على خفض تكاليف الطباعة، والوصول إلى المعلومات بأقل درجة ممكنة من التكلفة.
مكونات الرقمنةيحتاج مجمع اللغة العربية في مشروعه لرقمنة محتواه العلمي إلى الآتي:
بالنظر للوضع الحالي للمحتوى المجمعي نجد أن جزءًا كبيرًا منه لا يزال في صورته الورقية – حيث إن الحاسب الآلي لم يستخدم في كتابة مؤلفات المجمع إلا في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، أي بعد أكثر من خمسة وستين عامًا من إنشاء المجمع – بينما جرى تحويل جزء من هذا المحتوى إلى ملفات PDF و Doc. وعليه فإنه لإنشاء محرك بحث لهذا المحتوى فلابد من المرور بالمراحل الآتية:
وذلك إما عن طريق كتابتها يدويًّا ومراجعتها، أو عن طريق مسحها ضوئيًّا ثم تحويلها من صور إلى ملفات نصية باستخدام برنامج التعرف الضوئي على الحروف OCR. هذا وقد أجرت لجنة تطوير الموقع بالمجمع تجارب على بعض النماذج من الكتب القديمة وانتهت إلى أن الطريقة اليدوية تستغرق وقتًا أطول بكثير من الطريقة الآلية، وبناء عليه استقر رأيها على اتخاذ المسار الآلي. ولإنجاز هذه المرحلة نحتاج إلى:
لدى مجمع اللغة العربية محتوى لغوي وعلمي ثري وفريد، جرى بناؤه على مدار تسعين عامًا كاملة عبر نخبة من كبار العلماء – أعضاء المجمع - والخبراء والمحررين في مصر وخارجها. ولا تقف إرادة المجمع عند إتاحة هذا المحتوى على موقعه الإلكتروني فحسب، بل تمتد لتشمل السماح للمستخدمين بالبحث والتنقيب داخل هذا المحتوى، واستخراج المعلومات المختلفة بسرعة ودقة.
وتتعدد أقسام هذا المحتوى لتشمل: المعاجم اللغوية، والمعاجم العلمية، والأبحاث، والمقالات، وغير ذلك. ويحتاج كل قسم منها إلى إدراجه في قاعدة بيانات مناسبة؛ وذلك لأن أنواع المعلومات الموجودة في كل قسم وحجمها تختلف عن القسم الآخر، ومن ثم تحتاج إلى تصميم قواعد بيانات تراعي استيعاب جميع أنواع المعلومات بدقة، وكذلك بناء محرك بحثي يستطيع استدعاء المعلومات التي يحتاج إليها المستخدم بسرعة ودقة.
كان على المجمع التعاقد مع مصمم محرك بحث، ولكننا بجهود اللجنة وأبنائها وأعضائها نجحنا في الاستعانة بمطور هو المهندس طارق، بالتعاون مع أحد أعضاء فريق رقمنة محتوى الموقع د. عمرو الجندي، نجحنا في تصميم محرك بحث تم تطبيقه على المعجم الوسيط، ومن المنتظر أن يتم تنفيذه على كافة المعاجم التي أصدرها المجمع.
تحرص لجنة الموقع دائما
على تطوير الواجهة الرئيسة حتى تجمع بين أن تكون جذابة من جهة، وقادرة على تقديم المادة العلمية والإخبارية للجمهور بأيسر الطرق من جهة أخرى.